نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 487
وشيء من الأشياء وبعد ما اضطره موسى على القبول
قالَ له الخضر عليه السّلام على سبيل التوصية والتوطئة فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي بعد ما بالغت فَلا تَسْئَلْنِي يعنى عليك ان لا تفاتحنى بالسؤال عَنْ شَيْءٍ قد أنكرته منى ووجدته مخالفا لظاهر الشرع حَتَّى أُحْدِثَ وأبين لَكَ مِنْهُ ذِكْراً بيانا واضحا كاشفا عن إشكالك ودغدغتك بلا سبق سؤال منك
ثم لما تعاهدا على هذا فَانْطَلَقا يمشيان على ساحل البحر لطلب السفينة فمرا على سفينة فاستحملا من أهلها فقبلوا ان يحملوهما فقربوها الى الساحل فحملوهما بلا نول حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ على شاطئ البحر فجرت فلما بلغت اللجة خَرَقَها الخضر عليه السّلام بان أخذ فأسا فقلع منها لوحا او لوحين فلما رأى موسى منه ما رأى أخذ يشد خرقها بثيابه قالَ له حينئذ على سبيل نهى المنكر أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ بخرقها أَهْلَها وساكنيها إذ من خرقها قد يدخل الماء فيها فيغرقها وأهلها والله لَقَدْ جِئْتَ بفعلك هذا شَيْئاً إِمْراً اى منكرا عظيما هو قصد إهلاك جماعة بلا موجب شرعي
قالَ له الحضر على سبيل التذكير والتشنيع أَلَمْ أَقُلْ لك يا موسى من أول الأمر إِنَّكَ باعتبارك بظواهر العلوم
لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ موسى معتذرا متذكرا لعهده لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ اى نسياني وغفلتي عن وصيتك وعهدي معك وَلا تُرْهِقْنِي اى لا تغشني ولا تحجبني مِنْ أَمْرِي الذي قد بعثني على متابعتك وهو الاطلاع على سرائر الأمور ومغيباتها عُسْراً اى لا تحجبني عن مطلوبي بالمؤاخذة على النسيان عسرا يلجئنى الى ترك متابعتك فيفوت غرضي منك ومطلوبي من متابعتك وبعد ما قد ألح موسى واقترح معتذرا قبل الحضر عليه السّلام عذره بالضرورة
ثم لما نزلا من السفينة فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً صبيا صبيحا لم يبلغ الحلم يلعب مع الصبيان فَقَتَلَهُ الخضر عليه السّلام على الفور بلا صدور ذنب منه وجريمة حيث أخذ رأسه وضربه الى الجدار حتى مات فاشتد الأمر على موسى فامتلأ من الغيظ ولم يقدر على كظمها وهضمها قالَ موبخا مقرعا أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً معصومة برية عن جميع الآثام بِغَيْرِ إهلاك نَفْسٍ صدر منه قصدا ليكون قتله قصاصا عنه شرعا مع انه لا ولاية لك حينئذ على قتله وان صدر عنه القتل عمدا والله لَقَدْ جِئْتَ باتيانك هذا شَيْئاً نُكْراً منكرا مكروها في غاية النكارة والكراهة إذ قتل النفس من أعظم الكبائر سيما النفس المعصومة المنزهة عن عموم المعاصي سيما لم تكن لك ولاية قتله شرعا بلا جريمة أصلا وبعد ما سمع الخضر منه إنكاره
قالَ له على وجه التشدد والغلظة أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ولن تطيق ابدا مَعِيَ صَبْراً إذ لا مناسبة بيني وبينك ولا موافقة لعلمي مع علمك فخلني على حالي ولا تشوشنى وانصرف عنى وامض حيث شئت فقد بلغت الطاقة ثم لما رأى منه موسى ما رأى من الغيظ والغلظة والحرارة المفرطة أخذ بالرفق والمداراة واظهار المسكنة والاستحياء
حيث قالَ معتذرا مستحييا لا تحرمني عن صحبتك بما صدر عنى من نقض العهد وسوء الأدب ولا تودعنى يا سيدي عن صحبتك زجرا وقهرا وبالجملة إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي ولا تجعلني رفيقك وصاحبك لأنك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي ومن قبلي عُذْراً فلا اعتذر لك بعد هذا بل أفارق ان وقع عنى ما يشوشك. عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انه قال رحم الله أخي موسى قد استحى فقال ذلك ولو لبث مع صاحبه لا بصر اعجب الأعاجيب
وبعد ما تقاولا في امر الغلام ما تقاولا فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ هي انطاكية اوايلة اسْتَطْعَما أَهْلَها من شدة جوعهما واحتياجهما الى الطعام فَأَبَوْا وامتنعوا أَنْ يُضَيِّفُوهُما
نام کتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية نویسنده : النخجواني، نعمة الله جلد : 1 صفحه : 487